الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارٍ لِلْمَسَاكِينِ وَبِخِدْمَةِ عَبْدٍ حَيَاتَهُ فيرِيدُ بَيْعَهُ بِنَقْدٍ أَوْ بِدَيْنٍ مِنْ الْوَرَثَةِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ جِنَانِهِ لِلْمَسَاكِينِ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِي بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ حَيَاتِي، أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَدَمَ رَجُلًا عَبْدًا حَيَاتَهُ أَوْ حَبَسَ عَلَيْهِ مَسْكَنًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ.قَالَ: إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَأَرَى أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّنْ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِثْلُ الْوَرَثَةِ، أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كَمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ.قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ في الرَّجُلِ يُعْرِي الرَّجُلَ الْعُرْيَةَ ثُمَّ يَبِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ حَائِطَهُ أَوْ يَبِيعُ ثَمَرَتَهُ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الثَّمَرَةِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كَمَا كَانَ يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ.قُلْت: وَكَذَلِكَ هَذَا في الْمَسَاكِينِ إذَا أَسْكَنَ الرَّجُلُ رَجُلًا حَيَاتَهُ في وَصِيَّتِهِ أَوْ غَيْرِ وَصِيَّتِهِ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ.قُلْت: وَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ خِدْمَتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلَ مَا كَانَ يَجُوزُ فيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ خِدْمَتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَعِيشُ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَ وَقْتًا قَرِيبًا لَيْسَ بِالْبَعِيدِ.قُلْت: وَمَا هَذَا الْقَرِيبُ؟قَالَ: السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَالْأَمَدُ الْمَأْمُونُ، وَلَا يُكْرِيهِ إلَى الْأَمَدِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا عَشْرَ سِنِينَ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.قُلْت: وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْخِدْمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا وَهَذَا الَّذِي ابْتَدَأَ، إجَارَةَ الْعَبْدِ جَوَّزْتَهُ لِهَذَا وَلَمْ تُجَوِّزْهُ لِذَلِكَ الْأَجَلِ الْبَعِيدِ؟قَالَ: لِأَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إذَا مَاتَ ثَبَتَ الْكِرَاءُ لِمَنْ تَكَارَاهُ عَلَى الْوَرَثَةِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سِنِيهِ، وَلِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ إذَا مَاتَ بَطَلَ فَضْلُ مَا تَكَارَى إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْأَمْرُ الْمَأْمُونُ.قُلْت: فَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ، فَأَكْرَاهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَشْرَ سِنِينَ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ، لِأَنَّ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ فَوَرَثَتُهُ يَرِثُونَ خِدْمَتَهُ بَقِيَّةَ تِلْكَ السِّنِينَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الَّذِي أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ حَيَاتَهُ، فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ مِنْ خِدْمَتِهِ عَلَى مَالِ أَخَذَهُ، فَمَاتَ الْعَبْدُ وَبَقِيَ الْمُخْدَمُ حَيًّا، هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟قَالَ: لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ بَيْعٌ تَامٌّ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوهُ لِيَجُوزَ فِعْلُهُمْ فيهِ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ التَّامِّ..فيمَنْ أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ فيرِيدُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِي بِسُكْنَى دَارِهِ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أُؤَاجِرَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى لِي بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ؟قَالَ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا.قَالَ لَهُ: اخْدِمْ ابْنِي مَا عَاشَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ اخْدِمْ ابْنَ أَخِي أَوْ ابْنَتِي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، فيكُونُ مِنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ لَا يُرَادُ بِهِمْ الْخِدْمَةُ، وَإِنَّمَا نَاحِيَتُهُمْ الْحَضَانَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقِيَامُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: اخْدِمْ ابْنِي أَوْ ابْنَتِي أَوْ ابْنَ أَخِي عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ يَقُولُ: اخْدِمْهُ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةُ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، يَقُولُ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ أَوْ لِجَارِيَتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الَّذِي قِيلَ لَهُ اخْدِمْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، مَا يَصْنَعُ بِالْعَبْدِ وَالْوَلِيدَةِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مِمَّنْ أُرِيدَ بِهِ الْخِدْمَةُ خَدَمَ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُرَادُ بِهِ نَاحِيَةَ الْخِدْمَةِ لِرَفَاهِيَتِهِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ نَاحِيَةُ الْكَفَالَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالْقِيَامِ، عُجِّلَ لَهُ الْعِتْقُ السَّاعَةَ وَلَمْ يُؤَخَّرْ.قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ نَزَلَ بِبَلَدِنَا وَحُكِمَ بِهِ فَأَشَرْتُ بِهِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ - في مَسْأَلَتِكَ - مِنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ يُرَادُ بِهِمْ الْخِدْمَةُ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يُرَادُ بِهِمْ الْخِدْمَةُ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِمْ الْحَضَانَةُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ عَنْ مَالِكٍ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ في رَجُلٍ لَهُ عَبْدٌ وَلَهُ ابْنٌ، فَقَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا تَزَوَّجَ ابْنِي فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَبَلَغَ ابْنُهُ فَتَسَرَّى، أَوْ قَالَ الِابْنُ: لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا - وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ - قَالَ: الْعَبْدُ عَتِيقٌ وَذَلِكَ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ فيمَا اشْتَرَطَ حَاجَةٌ طَلَبَهَا لِابْنِهِ إلَى الْعَبْدِ في تَزْوِيجِهِ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَنْ يَسْتَعِينَ بِالْعَبْدِ فيمَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ السِّنِينَ في حَاجَتِهِ..فيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ حَيَاتَهُ فَصَالَحَهُ الْوَرَثَةُ مِنْ وَصِيَّتِهِ عَلَى مَالٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ حَيَاتَهُ، فَمَاتَ الْمُوصِي - وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْحَائِطَ - فَصَالَحَ الْوَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَرَةِ الْحَائِطِ عَلَى مَالٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ في الثَّمَرَةِ؟قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ مَالِك يَقُولُ في الرَّجُلِ يُسْكِنُ الرَّجُلَ دَارِهِ حَيَاتَهُ فيرِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَاعَ السُّكْنَى مِنْهُ.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، أَرَى لِصَاحِبِ النَّخْلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، وَلِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَهُمْ.وَإِنَّمَا شِرَاؤُهُمْ ثَمَرَةَ النَّخْلِ مَا لَمْ تُثْمِرْ النَّخْلُ كَشِرَائِهِمْ السُّكْنَى الَّذِي أُسْكِنَ في الْغَرَرِ سَوَاءٌ، فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى رَجُلٍ حَائِطًا - حَيَاتَهُ - أَوْ دَارًا - حَيَاتَهُ - فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا جَمِيعًا، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَنْ تَصِيرُ الدَّارُ إلَيْهِمْ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ في الدَّارِ مِثْلَهُ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَالرُّوَاةُ كُلُّهُمْ في الدَّارِ عَلَى ذَلِكَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فيهِ اخْتِلَافًا..فيمَنْ أَوْصَى بِحَائِطِهِ لِرَجُلٍ فَأَثْمَرَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ: قُلْت: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَوْصَى بِجِنَانِهِ لِرَجُلٍ في مَرَضِهِ، فَأَثْمَرَ الْجِنَانُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَمَاتَ الْمُوصِي - وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْحَائِطَ وَمَا أَثْمَرَ في تِلْكَ السِّنِينَ - لِمَنْ تَكُونُ تِلْكَ الثَّمَرَةُ الَّتِي أَثْمَرَتْ النَّخْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ أَوْصَى بِخَادِمَةٍ لِرَجُلٍ فَوَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: إنَّ وَلَدَهَا لِلْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ في وَلَدِهَا شَيْءٌ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ.فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ الَّتِي أَثْمَرَتْ النَّخْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْحَائِطِ، وَكَذَلِكَ إذَا أُبِّرَتْ النَّخْلُ أَوْ أُلْقِحَتْ الشَّجَرُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا أَثْمَرَ الْحَائِطُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوا، أَوْ يَجْمَعُوا الْمَالَ ثُمَّ جَمَعُوا الْمَالَ فَحَمَلَ الثُّلُثُ الْحَائِطَ، لِمَنْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ في الرَّجُلِ يُدَبِّرُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَمُوتُ فيوقَفُ مَالُ الْمُدَبَّرِ حَتَّى يُجْمَعَ مَالُ الْمَيِّتِ فيكْتَسِبَ الْمُدَبَّرُ مَالًا قَبْلَ أَنْ يُجْمَعَ مَالُ الْمَيِّتِ: فَإِنَّ مَالَ الْمُدَبَّرِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ عَنْهُ - وَهُوَ في يَدَيْهِ - يُقَوَّمُ في ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَلَا يُقَوَّمُ في ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا أَفَادَ مِنْ مَالِ كَسْبِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِمَالِهِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ وَهُوَ في يَدَيْهِ كَانَ مَا كَسَبَ أَوْ أَفَادَ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ، إنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ لِأَحَدٍ.قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ، فَإِنْ فَعَلَ فَرَبِحَ مَالًا في مَالِهِ الَّذِي تَرَكَهُ سَيِّدُهُ في يَدَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ سِلَعٍ اشْتَرَاهَا، كَانَ ذَلِكَ الرِّبْحُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ عَنْهُ وَهُوَ في يَدَيْهِ يُقَوَّمُ بِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ، وَالرِّبْحُ هَهُنَا خِلَافُ الْفَوَائِدِ وَالْكَسْبِ.قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ في مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ، فَوَقَفَ الْعَبْدَ لِمَا يُخَافُ مِنْ تَلَفِ الْمَالِ فَأَفَادَ مَالًا.قَالَ: فَلَا يَدْخُلُ مَا أَفَادَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، وَلَا بَعْدَهُ في شَيْءٍ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَانَ فيمَا أَفَادَ بَعْدَ عِتْقِهِ بَتْلًا، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَيَجْرِي مَجْرَاهُ فيمَا كَانَ في يَدَيْهِ وَمَا أَفَادَ.قَالَ: وَإِنْ اسْتَحْدَثَ الْمَرِيضُ الَّذِي أَعْتَقَ بَتْلًا دَيْنًا، كَانَ مَا اُسْتُحْدِثَ مِنْ الدَّيْنِ مُضِرًّا بِالْعَبْدِ وَيَلْحَقُهُ، لِأَنَّ مَا اُسْتُحْدِثَ مِنْ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ.قَالَ: وَالثَّمَرَةُ إذَا مَا أَثْمَرَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ إذَا خَرَجَتْ النَّخْلُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا تُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوِلَادَةٍ فَتُقَوَّمُ مَعَهَا، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي الْوِلَادَةُ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَالثَّمَرَةُ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ وَالْغَلَّةِ وَهُوَ رَأْيِي.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ لَنَا غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ: إنَّ مَا اجْتَمَعَ في يَدِ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ تِجَارَةٍ في حَالِ الْوَقْفِ لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ مَالِ السَّيِّدِ مِنْ كَسْبِهِ، أَوْ في مَالٍ إنْ كَانَ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ فَوَائِدَ طَلَعَتْ لَهُ مِنْ الْهِبَاتِ وَغَيْرِهَا، إلَّا مَا جَنَى بِهِ عَلَيْهِ فَأَخَذَ لَهُ أَرْشًا، فَإِنَّ ذَلِكَ مَالٌ لِسَيِّدِهِ الْمَيِّتِ.فَجَمِيعُ مَا صَارَ في يَدِ الْمُدَبَّرِ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ يُقَوَّمُ مَعَ رَقَبَتِهِ، وَهُوَ كَمَالِهِ الَّذِي مَاتَ سَيِّدُهُ عَنْهُ وَهُوَ في يَدَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ الرَّقَبَةُ مِنْ الثُّلُثِ بِالْمَالِ خَرَجَ حُرًّا وَكَانَ الْمَالُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ خَرَجَ نِصْفُهُ عَتَقَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ الْمَالُ في يَدَيْهِ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ شِرْكٌ في نَفْسِهِ.فَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ مَا أُعْتِقَ بَتْلًا في مَرَضِهِ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ، وَالنَّخْلُ الْمُوصَى بِهَا، مِثْلُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ في الْمُدَبَّرِ، إنْ خَرَجَتْ النَّخْلُ وَثَمَرُهَا الْمَوْقُوفُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَكَسْبُهُ الْمَوْقُوفُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَ رَقَبَتِهِ وَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ مَعَ رِقَابِ النَّخْلِ، فَإِنْ خَرَجَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ نِصْفُ ذَلِكَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِهِ نِصْفُ ذَلِكَ، فَلِلْمُوَصَّى لَهُ بِهِ نِصْفُ النَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَيَبْقَى الْمَالُ مَوْقُوفًا في يَدِ الْعَبْدِ لِلشَّرِكَةِ الَّتِي في الْعَبْدِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ، فَخُذْ هَذَا الْبَابَ عَلَى هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، هُوَ أَعْدَلُ أَقَاوِيلِ أَصْحَابِنَا..أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ بَغْلَة دَاره في صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَيَلِي تَفْرِقَتَهَا وَيُوصِي: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: غَلَّةُ دَارِي في الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، وَأَنَا أُفَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ وَهِيَ في يَدَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ يَوْمَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ.وَقَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ مَنْ بَعْدِي مِنْ وَرَثَتِي أَنْ يَرُدَّهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ مَنْ ثُلُثِي تُبَاعُ فيعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنَهَا؟قَالَ: ذَلِكَ نَافِذٌ وَلَوْ قَالَ هِيَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِي الَّتِي أَنَا قَسَمْتُهَا، فَإِنْ مِتُّ فَرَدَّ ذَلِكَ وَرَثَتِي، بِيعَتْ وَتُصُدِّقَ مِنْ ثُلُثِي بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، لَمْ يَنْفُذْ وَكَانَتْ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ.وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي فيقُولُ: غُلَامِي هَذَا لِفُلَانٍ ابْنِي - وَلَهُ وَلَدٌ غَيْرُهُ - فَإِنْ لَمْ يُنَفِّذُوا ذَلِكَ لَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يُنَفِّذُوهُ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ، وَهُوَ مِيرَاثٌ.وَلَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ أَوْ في سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَتِي أَنْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِي كَانَ ذَلِكَ، كَمَا أَوْصَى إلَّا أَنْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِهِ، فَاشْتِرَاطُ الصَّحِيحِ مِثْلُ هَذَا مَا أَقَرَّهُ في يَدَيْهِ لِوَرَثَتِهِ مِثْلَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَا يَجُوزُ.وَمَا اشْتَرَطَ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ هُمْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ فَهُوَ في وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ وَصِيَّةٌ.قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ أَوْصَى لِوَارِثٍ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ: إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ.قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الضَّرَرُ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ وَلَا في سَبِيلِ اللَّهِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: دَارِي أَوْ فَرَسِي في سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَتِي أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ لِابْنِي فُلَانٍ: فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيُنَفَّذُ في سَبِيلِ اللَّهِ إنْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِهِ،وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ..في رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى: قُلْت أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: لِفُلَانٍ ثَلَاثُونَ دِينَارًا، ثُمَّ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ - لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - أَيَضْرِبُ بِالثُّلُثِ وَبِالثَّلَاثِينَ مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: يَضْرِبُ بِالْأَكْثَرِ عِنْدَ مَالِكٍ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِفُلَانٍ دَارٌ مِنْ دُورِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لِفُلَانٍ - لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - مِنْ دُورِي عَشْرَةُ دُورٍ، وَلِلْمَيِّتِ عِشْرُونَ دَارًا؟قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ.قَالَ: لِفُلَانٍ مَنْ أَرْضِي مَبْذَرُ عِشْرِينَ مُدِّيًّا في وَصِيَّتِهِ.قَالَ: يُنْظَرُ كَمْ الْأَرْضُ كُلُّهَا، مَبْذَرُ كَمْ هِيَ، فَإِنْ كَانَتْ مَبْذَرَ مِائَتَيْنِ مُدِّيًّا قُسِمَتْ فَأُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ عُشْرُ ذَلِكَ، يُضْرَبُ لَهُ بِالسَّهْمِ، وَإِنْ وَقَعَتْ وَصِيَّةً فَكَانَتْ مَبْذَرَ خَمْسَةِ أَمْدَاءٍ لِكَرْمِ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعِهَا، أَوْ وَقَعَ في ذَلِكَ مَبْذَرُ أَرْبَعِينَ مُدِّيًّا لِرَدَاءَةِ الْأَرْضِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.قَالَ: فَالدُّورُ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ، فَمِقْدَارُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ ذَلِكَ فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ في بُلْدَانٍ شَتَّى؟قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ كَانَتْ في بُلْدَانٍ شَتَّى، يُعْطَى عُشْرُ كُلِّ نَاحِيَةٍ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْت لِمَالِكٍ: فَإِنْ أَوْصَى لَهُ في الْأُولَى بِعِدَّةِ دَنَانِيرَ، ثُمَّ أَوْصَى لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ بِعِدَّةِ دَنَانِيرَ وَهِيَ أَقَلُّ مَنْ الْأُولَى؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ لَهُ بِالْأَكْثَرِ.قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ أَوْصَى لَهُ في الْوَصِيَّةِ الْآخِرَةِ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ جَازَتَا جَمِيعًا.قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَإِنْ أَوْصَى لَهُ في الْأُولَى بِدَنَانِيرَ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْآخِرَةِ، أُخِذَ لَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَجْمَعَانِ لَهُ إذَا كَانَتْ دَنَانِيرَ عَلَيْهَا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَيُؤْخَذُ لَهُ بِالْأَكْثَرِ كَانَتْ مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الْآخِرَةِ كُلِّهَا.قُلْت: فَلَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ صِنْفًا مِنْ الْأَصْنَافِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، فَقَالَ: لِفُلَانٍ وَصِيَّةٌ في مَالِي عَشَرَةُ أَرَادِبَ حِنْطَةً، ثُمَّ قَالَ: لِفُلَانٍ - ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - مَرَّةً أُخْرَى في مَالِي وَصِيَّةُ خَمْسَةَ عَشَرَةَ إرْدَبًّا حِنْطَةً.قَالَ: هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ.قُلْت: فَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ مِنْ غَنَمِي عَشْرُ شِيَاهٍ وَصِيَّةً، ثُمَّ قَالَ: لِفُلَانٍ - ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - مَرَّةً أُخْرَى في غَنَمِي عِشْرُونَ شَاةً، أَكُنْتَ تَجْعَلُ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ؟قَالَ: نَعَمْ أَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ كَمَا أَخْبَرْتُكَ في الدَّنَانِيرِ عَنْ مَالِكٍ، وَانْظُرْ إلَى عِدَّةِ الْغَنَمِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً أَعْطَيْتُهُ خُمُسَهَا بِالسَّهْمِ، فَإِنْ وَقَعَ لَهُ في سَهْمٍ ثَلَاثُونَ أَوْ عِشْرُونَ أَوْ عَشَرَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا، وَكَذَلِكَ فَسَّرَ لِي مَالِكٌ في الَّذِي يَقُولُ لِفُلَانٍ عِشْرُونَ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَهِيَ مِائَةُ شَاةٍ، إنَّ لَهُ خُمُسَهَا تُقْسَمُ بِالسَّهْمِ يَدْخُلُ في ذَلِكَ الْخُمُسِ مَا دَخَلَ مِنْهَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَبْدَانِ مِنْ عَبِيدِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لِفُلَانٍ - ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - عَشَرَةُ أَعْبُدٍ مِنْ عَبِيدِي؟قَالَ: أَجْعَلُهَا وَصِيَّةً وَاحِدَةً، آخُذُ لَهُ بِالْأَكْثَرِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ.قَالَ: وَإِنَّمَا الْوَصِيَّتَانِ إذَا اجْتَمَعَتَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِثْلُ وَصِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، أُخِذَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْأَكْثَرِ - كَانَتْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ الْآخِرَةُ هِيَ أَكْثَرَ أَوْ الْأُولَى - فَهُوَ سَوَاءٌ، وَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ الْأَكْثَرُ وَلَا يَجْتَمِعَانِ لَهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الدَّنَانِيرِ: يُعْطَى الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ، فَعَلَى هَذَا رَأَيْتُ ذَلِكَ..في رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ وَصِيَّةً ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِآخَرَ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: دَارِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: دَارِي لِفُلَانٍ، لِرَجُلٍ آخَرَ.وَالدَّارُ الَّتِي أَوْصَى بِهَا هِيَ دَارٌ وَاحِدَةٌ، أَيَكُونُ قَوْلُهُ الْآخَرُ نَقْضًا لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ إذَا قَالَ دَارِي أَوْ دَابَّتِي أَوْ ثَوْبِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِدَابَّتِهِ - تِلْكَ بِعَيْنِهَا - دَابَّتِي لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، أَوْ قَالَ في ثَوْبِهِ ذَلِكَ ثَوْبِي لِفُلَانٍ يُرِيدُ رَجُلًا آخَرَ، أَتَكُونُ وَصِيَّتُهُ الْآخِرَةُ نَقْضًا لِوَصِيَّتِهِ الْأُولَى في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَبَلَغَنِي عَنْهُ، أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ.وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ قَوْلَ مَالِكٍ هَذَا، أَنَّ الَّذِي يَقُولُ ثُلُثَ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعُ مَالِي لِفُلَانٍ، أَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ في الثُّلُثِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ.أَلَا تَرَى أَنَّهُ حِينَ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعُ مَالِي لِفُلَانٍ، لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ هَذَا مَالِي لِفُلَانٍ نَقْضًا لِلْوَصِيَّةِ الْأُولَى حِينَ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ.قُلْت: وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ ثَلَاثِ دُورٍ لَهُ، فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا دَارَانِ أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَارِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا الثُّلُثَانِ؟قَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى مَا اُسْتُحِقَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.قلت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الرَّجُلُ: الْعَبْدُ الَّذِي أَوَصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ هُوَ وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ في الْوَصِيَّةِ الْآخِرَةِ مَا يَنْقُضُ الْأُولَى، فَإِنَّ الْآخِرَةَ تَنْقُضُ الْأُولَى، فَأَرَى هَذَا نَقْضًا لِلْوَصِيَّةِ الْأُولَى.قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: عَبْدِي فُلَانٌ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ أَوْصَى بِذَلِكَ الْعَبْدِ لِرَجُلٍ، أَتَرَاهُ قَدْ نَقَضَ مَا كَانَ جَعَلَ لَهُ مِنْ الْعِتْقِ؟قَالَ: إذَا قَالَ عَبْدِي هَذَا هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ لِفُلَانٍ فَأَرَاهُ نَاقِضًا لِلْوَصِيَّةِ وَأَرَاهُ كُلَّهُ لِفُلَانٍ.وَإِذَا قَالَ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ أَيْضًا يَكُونُ حُرًّا وَلَا يَكُونُ لِفُلَانٍ الْمُوصَى لَهُ بِهِ فيهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِآخَرَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ عَطَايَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا فيهَا، وَهَذَا عِتْقٌ لَا يُشْتَرَكُ فيهِ وَهُوَ رَأْيِي.سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ في رَجُلٍ حَضَرَهُ سَفَرٌ فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ كَتَبَ وَصِيَّةً أُخْرَى وَهُوَ في سَفَرِهِ ذَلِكَ.قَالَ: كِلْتَاهُمَا جَائِزَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ نَقَضَ في الْآخِرَةِ مِنْ الْأُولَى شَيْئًا.يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ في رَجُلٍ اشْتَكَى وَقَدْ كَانَ أَوْصَى في حَيَاتِهِ بِوَصِيَّةٍ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ، فَصَحَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، فَمَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ أَعْتَقَ فيهَا.قَالَ: إنْ كَانَ عَلِمَ بِوَصِيَّتِهِ الْأُولَى فَأَقَرَّهَا، فَإِنَّ مَا كَانَ في الْوَصِيَّةِ الْآخِرَةِ مِنْ شَيْءٍ يَنْقُضُ مَا كَانَ في الْأُولَى، فَإِنَّ الْآخِرَةَ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَمَا كَانَ في الْأُولَى مِنْ شَيْءٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ في الْوَصِيَّةِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفُذَانِ جَمِيعًا عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ يُوصِي بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ وَصِيَّتِهِ الْأُولَى، إنَّ الْآخِرَةَ تَجُوزُ مَعَ الْأُولَى إنْ لَمْ يَكُنْ في الْآخِرَةِ نَقْضٌ لِمَا في الْأُولَى.وَقَالَ مَالِكٌ مِثْلَهُ، لِابْنِ وَهْبٍ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا..في رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ؟قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ: لِفُلَانٍ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي وَيَتْرُكُ نِسَاءً وَرِجَالًا.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُقْسَمَ مَالُهُ عَلَى عِدَّةِ مَنْ تَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ سَوَاءٌ، لَا فَضْلَ بَيْنَهُمْ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فيهِ سَوَاءٌ، ثُمَّ يُؤْخَذُ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ يُدْفَعُ إلَى الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ فيجْمَعُونَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ، فيقْتَسِمُونَ ذَلِكَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.قَالَ: فَأَرَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ في مَسْأَلَتِكَ - وَهُوَ رَأْيِي - قَالَهُ أَشْهَبُ كُلَّهُ..في رَجُلٍ أَوْصَى لِغَنِيٍّ وَفَقِيرٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ - وَأَحَدُهُمَا غَنِيٌّ وَالْآخَرُ فَقِيرٌ قَالَ: الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ وَلَدِي؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانُوا غَيْرَ وَرَثَتِهِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ بَعْضُهُمْ وَوُلِدَ غَيْرُهُمْ، ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعُوا الْمَالَ وَيُقْسَمُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ أَوْصَى لِأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ لِمَوَالِيهٍ بِثُلُثِهِ، فَمَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ نَفَرٌ وَوُلِدَ لِآخَرِينَ مِنْهُمْ وَذَلِكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يَكُونُ الثُّلُثُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ.قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لِأُولَئِكَ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ: ثُلُثُ مَالِي لِهَؤُلَاءِ النَّفَرِ - وَهُمْ عَشَرَةُ رِجَالٍ - فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ؟قَالَ: أَرَى أَنَّ نَصِيبَ هَذَا الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ.قُلْت: فَمَا فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَوَّلِ؟قَالَ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا قَالَ: لِوَلَدِ وَلَدِي أَوْ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ لَبَنِي عَمِّي أَوْ لِبَنِي فُلَانٍ، فَهَذَا لَمْ يُسَمِّ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ وَلَمْ يَخُصَّهُمْ، فَإِنَّمَا يُقْسَمُ هَذَا عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ.وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْقَسْمَ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَوَرَثَتُهُ يَرِثُونَ مَا كَانَ أَوْصَى لَهُ بِهِ الْمُوصِي..في رَجُلٍ أَوْصَى لِوَلَدِ رَجُلٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ، وَوَلَدُ فُلَانٍ - ذَلِكَ الرَّجُلِ - عَشَرَةٌ، ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ؟قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِحَبْسِ دَارِهِ أَوْ ثَمَرَةِ حَائِطِهِ عَلَى وَلَدِ رَجُلٍ، أَوْ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يُؤْثِرُ بِهِ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ في السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ، وَأَمَّا الْوَصَايَا فَإِنِّي لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فيهَا السَّاعَةَ، إلَّا أَنِّي أَرَاهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَالَ في الَّذِي يُوصِي لِأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِمْ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ في الْأَخْوَالِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْسَنُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ غَيْرُهُ.وَلَيْسَ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ لِوَلَدِ رَجُلٍ أَوْ لِأَخْوَالِهِ بِمَالٍ يَكُونُ لَهُمْ نَاجِزًا يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ، بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ لِوَلَدِ رَجُلٍ أَوْ لِأَخْوَالِهِ بِغَلَّةِ نَخْلٍ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ مُحْبَسَةً عَلَيْهِمْ مَوْقُوفَةً؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ إنَّمَا قِسْمَتُهُ إذَا حَضَرَتْ الْغَلَّةُ كُلَّ عَامٍ، فَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَجْهُولُ قَوْمٍ.وَإِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ يُقْسَمُ نَاجِزًا يُؤْخَذُ مَكَانَهُ، فَكَانَ وَلَدُ الرَّجُلِ مَعْرُوفينَ لِقِلَّتِهِمْ وَأَنَّهُ يُحَاطُ بِهِمْ أَوْ لِأَخْوَالِهِ فَكَانُوا كَذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِقَوْمٍ مُسَمِّينَ بِأَعْيَانِهِمْ.وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى قَوْمٍ مَجْهُولِينَ لَا يُعْرَفُ عِدَّتُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ لَمْ يُرِدْ بِهَا قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى وَلَا يُعْرَفُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَى لِبَنِي زُهْرَةَ أَوْ لِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَعُمَّهُمْ، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ تُنَفَّذَ وَصِيَّتُهُ فَتَكُونَ عَلَى مَنْ حَضَرَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ فَقَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِفُلَانٍ يَوْمئِذٍ وَلَدٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَبَسَ دَارًا عَلَى قَوْمٍ حَبْسًا صَدَقَةً فَمَاتَ مَنْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ، رَجَعَتْ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - عُصْبَةً كَانُوا أَوْ بَنَاتٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ - حَبْسًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْحَبْسُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ.قُلْت: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً؟قَالَ: تَرْجِعُ الدَّارُ إلَيْهَا وَإِلَى عُصْبَةِ الرَّجُلِ، وَيُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَلَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا.فَأَرَى هَذَا حِينَ مَاتَ وَلَدُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَرَابَتِهِ حَبْسًا في أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهَا قَدْ حِيزَتْ.قَالَ: وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَأَرَاهَا جَائِزَةً لِوَلَدِ فُلَانٍ - ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فيهَا سَوَاءٌ - وَيَنْتَظِرُ بِهَا حَتَّى يَنْظُرَ أَيُولَدُ لِفُلَانٍ أَمْ لَا يُولَدُ لَهُ إذَا أَوْصَى وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ، فَإِنْ أَوْصَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِرَجُلٍ، فَإِذَا الرَّجُلُ الْمُوصَى لَهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ عَلِمَ بِمَوْتِهِ حِينَ أَوْصَى فَهِيَ لِلْمَيِّتِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ، وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِأَهْلِ دَيْنِهِ، فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ مِثْلَ هَذَا.قُلْت: وَسَوَاءٌ عِنْدَكَ إنْ كَانَ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ، أَوْ أَوْصَى لَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ؟قَالَ: إذَا أَوْصَى لَهُ وَهُوَ حَيٌّ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَقَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلٌ.قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَيُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ وَصَايَاهُمْ، وَيَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَ أَهْلِ الْوَصَايَا.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلٌ وَلَا يُحَاصُّ بِهَا أَهْلَ الْوَصَايَا.قَالَ سَحْنُونٌ: وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ.وَإِنَّمَا يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا الْوَرَثَةَ بِوَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْمُوصِي لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِي مَاتَ وَقَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَمَاتَ الْمُوصِي وَالْأَمْرُ عِنْدَهُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ جَائِزَةٌ، فَلَمَّا بَطَلَتْ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي رَجَعَ مَا كَانَ لَهُ إلَى مَالِ الْمَيِّتِ، وَوَقَفَ الْوَرَثَةُ مَوْقِفَهُ وَدَخَلُوا مَدْخَلَهُ، فَحَاصُّوا أَهْلَ الْوَصَايَا بِوَصِيَّتِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ كَذَلِكَ كَانَ يَكُونُ يُحَاصُّهُمْ بِوَصِيَّتِهِ.سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ في رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ فَتُوُفي الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي قَالَ: تَرْجِعُ إلَى الْمُوصِي لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَسْتَوْجِبْهَا.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلُهُ، أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ.ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْمَيِّتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ وَصِيَّتُهُ شَيْءٌ..في رَجُلٍ أَوْصَى لِبَنِي رَجُلٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِبَنِي تَمِيمٍ، أَوْ ثُلُثُ مَالِي لِقَيْسٍ، أَتُبْطِلُ وَصِيَّتُهُ أَمْ تُجِيزُهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: هِيَ جَائِزَةٌ في قَوْلِ مَالِكٍ.قُلْت: فَلِمَنْ تُعْطَى؟قَالَ: عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَعُمَّ قَيْسًا كُلَّهُمْ.قَالَ: وَلَقَدْ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِخَوْلَانَ بِوَصِيَّتِهِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ لِلْمَوَالِي فيهَا شَيْئًا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْمُوصِي مَوْلًى، هَلْ يَكُونُ لِلْمَوَالِي شَيْءٌ؟قَالَ: إنَّمَا يُنْظَرُ في هَذَا إلَى بِسَاطِ الْكَلَامِ في ابْتِدَاءِ وَصِيَّتِهِ مَنْ أَرَادَ، فيخُصُّ بِهَا مَنْ يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ لَهُمْ..في رَجُلٍ أَوْصَى لِمَوَالِي رَجُلٍ: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِمَوَالِي فُلَانٍ، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ الْمَالَ، وَأَعْتَقَ فُلَانٌ آخَرِينَ، أَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ، وَوُلِدَ لِبَعْضِهِمْ أَوْلَادٌ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟قَالَ: هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ في وَلَدِ الْوَلَدِ، أَرَاهُ لِمَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ.قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْأَصْلَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِمَوَالِي فُلَانٍ، وَلِفُلَانٍ ذَلِكَ الرَّجُلِ مَوَالٍ مِنْ الْعَرَبِ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ وَلَهُ مَوَالٍ هُوَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ؟قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، أَوْ لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ في شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِهِ أَوْ جَوَابِهِ أَنَّهُ يَكُونُ لِمَوَالِيهِ الَّذِينَ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا مَحْمَلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَوَالِيه الَّذِينَ هُمْ أَسْفَلُ.
|